هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    حق المرأة في الحماية الجسدية

    Admin
    Admin
    الإدارة


    عدد المساهمات : 103
    نقاط : 296
    تاريخ التسجيل : 04/01/2011

    حق المرأة في الحماية الجسدية Empty حق المرأة في الحماية الجسدية

    مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 14, 2011 3:36 pm

    حق المرأة في الحماية الجسدية يعد من الحقوق الملتبسة التي قد تستخدم استخداما يخرجها عن إطارها الشرعي الصحيح وفي ظلها تجهض بعض الأحكام الشرعية, وقد يتم التغافل عنه والتفريط فيه من جانب آخر بدعوى أن الشريعة الإسلامية قد أباحت بعض الصور التي يظن أنها تعد انتهاكا لحق المرأة في الحماية الجسدية.
    وفي هذه الدراسة نُعرف بداية بمفهوم الحماية الجسدية كحق للمرأة, ثم نتعرف على الآراء والأحكام الشرعية المتعلقة بالموضوع محل الدراسة بصورة عامة, ثم بصورة خاصة بالمرأة, ثم بعض الصور التي يساء فهمها، ويظن أنها تنتهك حق المرأة في الحماية الجسدية, والجنسية.

    أولا:مفهوم الحماية الجسدية للمرأة
    نقصد بالحماية الجسدية للمرأة منع كافة صور الإيذاء والتعدي على جسدها بما يتسبب في إيلامها دون حق شرعي.
    فالمرأة من حقها الحفاظ على جسدها من كافة صور التعدي غير المشروعة, ويدخل في ذلك:
    ـ كافة صور الاعتداء الجسدي كالضرب والتعذيب.
    ـ كافة صور التعدي الجنسي كالاغتصاب والتحرش.

    ثانيا:موقف الشريعة الإسلامية من الحماية الجسدية
    كأصل عام حفظت الشريعة حق الإنسان في الحماية الجسدية, بغض النظر عن لونه وجنسه وديانته, وفي ذلك وردت عدة نصوص منها:
    1ـ من القرآن الكريم:
    ـ قال تعالى:"وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصَاصٌ".(المائدة:45)
    قال الطبري:"يقول تعالي:وفرضنا عليهم فيها أن يفقأوا العين التي فقأ صاحبها مثلَها من نفس أخرَى بالعين المفقوءة, ويجدع الأنف بالأنف, وتقطع الأذن بالأذن, وتقلع السنّ بالسنّ, ويُقْتَصَّ من الجارِح غيره ظلمًا للمجروح".
    قال ابن كثير في تفسيره:"قد استدل كثير ممن ذهب من الأصوليين والفقهاء إلى أن شرع من قبلنا شرع لنا، إذا حكي مقررًا ولم ينسخ، كما هو المشهور عن الجمهور، وكما حكاه الشيخ أبو إسحاق الإسفراييني عن نص الشافعي وأكثر الأصحاب بهذه الآية، حيث كان الحكم عندنا على وفقها في الجنايات عند جميع الأئمة, وقال الحسن البصري:هي عليهم وعلى الناس عامة".
    ووجه الاستدلال هنا, أن التعدي على أي عضو بجسد الإنسان, يستوجب القصاص من فاعله, وهو ما يعنى ارتكابه محظورا شرعيا يستوجب القصاص منه.
    ـ وقال تعالي:"فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ"(البقرة:194), وقوله عز وجل:"وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا "(الشورى: 40),وقال تعالى:"وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ"(النحل: 126).
    فهذه نصوص عامة في كون التعدي أيا كان ومنه التعدي على الجسد محظور شرعا, ويستوجب القصاص.

    2ـ من السنة:
    عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن الربيع، وهي ابنة النضر، كسرت ثنية جارية، فطلبوا الأرش وطلبوا العفو فأبوا، فأتوا النبي صلى الله عليه وسلم فأمرهم بالقصاص، فقال أنس ابن النضر:أتكسر ثنية الربيع يا رسول الله ؟ لا والذي بعثك بالحق لا تكسر ثنيتها، فقال:"يا أنس، كتاب الله القصاص", فرضي القوم وعفوا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"إن من عباد الله، من لو أقسم على الله لأبره".(رواه البخاري: 2703).
    وهذا الأثر يثبت أنه لا فرق في هذه الحماية الجسدية بين ذكر وأنثى, وعبد وحر, فالكل أمام الشريعة سواء في هذه الحماية.
    3ـ عمل الصحابة والخلفاء
    ـ جاء عن أبي نضرة عن أبي فراس، قال:خطبنا عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: أيها الناس:"إني والله ما أرسل عمالا ليضربوا أبشاركم، ولا ليأخذوا أموالكم، ولكن أرسلهم ليعلموكم دينكم وسنة نبيكم، فمن فعل به شئ سوى ذلك فليرفعه إلي، فوالذي نفس عمر بيده لاقصنه منه. قال عمرو بن العاص رضي الله عنه:"لو أن رجلا أدب بعض رعيته، أتقصه منه؟ " قال:إي والذي نفسي بيده. إذن لاقصنه منه، وكيف لا أقصه منه وقد رأيت رسول الله يقص من نفسه" (رواه أحمد 1/146, وقال العلامة أحمد شاكر: إسناده صحيح).
    ـ ويقول سيد سابق في فقه السنة أن القصاص في اللطمة، والضرب، والسب، ثابت عن الخلفاء الراشدين وغيرهم من الصحابة والتابعين, وذكر البخاري عن أبي بكر، وعلي، وابن الزبير، وسويد بن مقرن أنهم أقادوا من اللطمة وشبهها.
    قال ابن المنذر:"وما أصيب به من سوط، أو عصا، أو حجر، فكان دون النفس، فهو عمد، وفيه القود ", وهذا قول جماعة من أصحاب الحديث.
    وفي البخاري:"وأقاد عمر رضي الله عنه من ضربة بالدرة", وأقاد علي بن أبي طالب، كرم الله وجهه، من ثلاثة أسواط، واقتص شريح من سوط وخموش".

    ثالثا:حق المرأة في الحماية الجسدية
    المرأة لم تخرج عن هذا الحق العام الذي قررته الشريعة الإسلامية, التي حفلت بعدة نصوص تؤكد على حق المرأة في الحماية من أي انتهاكات تمس جسدها, سواء في ذلك الانتهاكات الجسدية أو الجنسية.

    1ـ حق المرأة في الحماية من الانتهاكات الجسدية
    وبخصوص حق المرأة في حماية جسدها, ومعاقبة من ينتهك هذا الحق, جاءت بعض النصوص الشرعية المؤكدة لهذا الحق، ومنها ما جاء عن أبي هريرة رضي الله عنه, قال:"اقتتلت امرأتان من هذيل، فرمت إحداهما الأخرى بحجر فقتلتها وما في بطنها، فاختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقضى أن دية جنينها غرة، عبد أو وليدة، وقضى أن دية المرأة على عاقلتها".(رواه البخاري: 6910).
    ولم تستثن الشريعة أحدا من العقوبة إذا انتهك حق المرأة في حماية جسدها, فلو تعدى الرجل على زوجته, فإن لها الحق أن تقاد منه, قال ابن شهاب:مضت السنة أن الرجل إذا أصاب امرأته بجرح، أن عليه عقل ذلك الجرح، ولا يقاد منه.
    وفسر ذلك مالك، فقال: إذا عمد الرجل إلى امرأته ففقأ عينها، أو كسر يدها، أو قطع أصبعها، أو أشباه ذلك، متعمدا لذلك، فإنها تقاد منه, وأما الرجل يضرب امرأته بالحبل أو السوط، فيصيبها من ضربه ما لم يرده ولم يتعمده، فإنه يعقل ما أصاب منها على هذا الوجه، ولا تقاد منه.
    وإذا وطئ الرجل زوجته فأفضاها، فإن كانت كبيرة بحيث يوطأ مثلها، فإنه لا يضمن، وإن كانت صغيرة لا يوطأ مثلها، فعليه الدية.
    والإفضاء, كما جاء في فقه السنة, مأخوذ من الفضاء، وهو المكان الواسع، ويكون بمعنى الجماع ومنه قول الله سبحانه:"كَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ وَأَخَذْنَ مِنْكُمْ مِيثَاقًا غَلِيظًا"(النساء:21), ويكون بمعنى اللمس، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم: "إذا أفضى أحدكم بيده إلى ذكره، فليتوضأ ", والمراد به هنا: إزالة الحاجز الذي بين الفرج والدبر.
    2ـ حق المرأة في الحماية من الانتهاكات الجنسية
    أما بخصوص حماية المرأة من الانتهاكات الجنسية, فقد سنت الشريعة الإسلامية عقوبة مشددة على من يعتدي عليها مثل هذا الاعتداء, وتراوحت عقوبته مابين الرجم حتى الموت إذا كان محصنا, أو الجلد والتغريب إذا كان غير محصن.
    قال تعالي:"الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِئَةَ جَلْدَةٍ"(النور:2), قال ابن كثير في تفسيره:"هذه الآية الكريمة فيها حكم الزاني في الحد، وللعلماء فيه تفصيل ونزاع؛ فإن الزاني لا يخلو إما أن يكون بكرًا، وهو الذي لم يتزوج، أو محصنا، وهو الذي قد وَطِئَ في نكاح صحيح، وهو حر بالغ عاقل, فأما إذا كان بكرًا لم يتزوج، فإن حدَّه مئة جلدة كما في الآية، ويزاد على ذلك أن يُغرّب عاما عن بلده عند جمهور العلماء، خلافا لأبي حنيفة، رحمه الله؛ فإن عنده أن التغريبَ إلى رأي الإمام، إن شاء غَرَّب وإن شاء لم يغرِّب".
    وحجة الجمهور في ذلك ما ثبت في صحيح البخاري، من رواية الزهري، عن عُبَيْد الله بن عبد الله بن عُتبة بن مسعود، عن أبي هريرة وزيد بن خالد الجُهَنيّ، في الأعرابيين اللذين أتيا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- فقال أحدهما: يا رسول الله، إن ابني كان عَسِيفا ـ يعني أجيرا ـ على هذا فزنى بامرأته، فافتديت ابني منه بمائة شاة وَوَليدَة، فسألت أهل العلم، فأخبروني أن على ابني جلد مئة وتغريبَ عام، وأن على امرأة هذا الرجم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "والذي نفسي بيده، لأقضين بينكما بكتاب الله: الوليدة والغنم رَدٌّ عليك، وعلى ابنك جَلْدُ مئة وتغريبُ عام. واغد يا أنيس ـ لرجل من أسلم ـ إلى امرأة هذا، فإن اعترفت فارجمها". فغدا عليها فاعترفت، فرجمها.(رواه البخاري:7260).

    رابعا:صور يظن أنها تعد انتهاكا لحق المرأة في الحماية الجسدية
    هناك بعض الصورة الواردة في الشريعة الإسلامية التي يظن البعض أنها تعد انتهاكا لحق المرأة في الحماية الجسدية, ونعرض لأهم صورتين على الوجه التالي:
    1ـ هل يمثل ضرب الزوج لزوجته انتهاكا لحق المرأة في الحماية الجسدية؟
    يردد البعض أن حق الزوج في عقاب زوجته الوارد في النص القرآني:"وَاللَّاتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِنْ أَطَعْنَكُمْ فَلَا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلًا" (النساء:34), يعد انتهاكا لحق المرأة في الحماية الجسدية.
    والرد على ذلك من وجوه:
    أولا:ـ الضرب هنا جاء لمبرر شرعي, ولسبب يعود إلى المرأة ذاتها وهو نشوزها, ويبقي الأصل العام في الشريعة بالمنع من ضرب النساء والإماء.
    ودليل ذلك ما جاء عن إياس بن عبد الله بن أبي ذُباب قال:قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لا تَضْرِبوا إماءَ اللهِ", فجاء عمر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئِرَت النساء على أزواجهن. فرخص في ضربهن. فطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشكون أزواجهن، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لقد أطافَ بآل محمد نِسَاءٌ كثير يَشْكُونَ أزواجهن، ليس أولئك بخياركم".(صحيح أبي داود: 2146)
    ثانيا:ـ أن الضرب ليس المقصود به الإيذاء البدني, ولا يصار إليه إلا بعد استنفاد الوسائل الأسهل من الوعظ والهجر, لذلك اشترط العلماء أن يكون غير مبرح, وينتهي بمجرد عودة الزوجة عن النشوز.
    قال السعدي في تفسيره:"يؤدبها بالأسهل فالأسهل،{فَعِظُوهُنَّ}أي: ببيان حكم الله في طاعة الزوج ومعصيته والترغيب في الطاعة، والترهيب من معصيته، فإن انتهت فذلك المطلوب، و إلا فيهجرها الزوج في المضجع، بأن لا يضاجعها، ولا يجامعها بمقدار ما يحصل به المقصود، و إلا ضربها ضربًا غير مبرح، فإن حصل المقصود بواحد من هذه الأمور وأطعنكم {فَلا تَبْغُوا عَلَيْهِنَّ سَبِيلا} أي: فقد حصل لكم ما تحبون فاتركوا معاتبتها على الأمور الماضية، والتنقيب عن العيوب التي يضر ذكرها ويحدث بسببه الشر.
    وثبت في صحيح مسلم عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قال في حجة الوداع:"واتَّقُوا اللهَ في النِّساءِ، فإنهن عندكم عَوَانٌ، ولكم عليهن ألا يُوطِئْنَ فُرُشكم أحدا تكرهونه، فإن فَعَلْن فاضربوهن ضَرْبا غير مُبَرِّح، ولهن رزْقُهنَّ وكِسْوتهن بالمعروف".( راجع صحيح مسلم:1218)
    قال ابن عباس وغير واحد: ضربا غير مبرح, وقال الحسن البصري: يعني غير مؤثر. قال الفقهاء: هو ألا يكسر فيها عضوا ولا يؤثر فيها شيئا.
    ثالثا: الراجح أن ضرب الزوج زوجته على وجه التأديب مباح, وتركه أفضل, كما يقول الدكتور عبد الكريم زيدان:"إذا لم ينفع معها الوعظ والهجر، ولم يستطع الزوج الصبر على نشوزها ومعصيتها. ويكون ترك الضرب أفضل إذا أمكن إصلاح الزوجة بدون ضرب؛ وإن استلزم ذلك الصبر عليها والاستمرار على معالجة عصيانها بالوعظ والهجر، لدلالة بعض الأحاديث النبوية الشريفة على أن الأولى والأفضل هو ترك الضرب، وهذا ما أخذ به الإمام الشافعي فعنده ترك الضرب أولى وأفضل، ويؤيد هذه الأفضلية لترك الضرب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يضرب زوجة له قط، فقد أخرج ابن ماجه في سننه عن عائشة رضي الله عنها قالت: "ما ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم خادماً له، ولا امرأة، ولا ضرب بيده شيئاً".
    وقال القاضي ابن العربي في أحكام القرآن: قال عطاء: لا يضربها وإن أمرها ونهاها فلم تطعه، ولكن يغضب عليها. قال القاضي:هذا من فقه عطاء، فإنه من فهمه بالشريعة ووقوفه على مظان الاجتهاد علم أن الأمر بالضرب ها هنا أمر إباحة، ووقف على الكراهية من طريق أخرى في قول النبي صلى الله عليه وسلم في حديث عبد الله بن زمعة:"لا يجلد أحدكم امرأته جلد العبد، ثم يجامعها في آخر اليوم".(رواه البخاري:5204).

    رابعا: لم يرغب النبي صلى الله عليه وسلم في زواج ضرّاب النساء, فقد جاء في صحيح مسلم, سمعت فاطمة بنت قيس تقول: إن زوجها طلقها ثلاثا. فلم يجعل لها رسول الله صلى الله عليه وسلم سكنى ولا نفقة. قالت: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذا حللت فآذنيني" فآذنته فخطبها معاوية وأبو جهم وأسامة بن زيد. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أما معاوية فرجل ترب لا مال له. وأما أبو جهم فرجل ضراب للنساء. ولكن أسامة بن زيد". (رواه مسلم:1480).
    وخلاصة القول هنا إن الشريعة الإسلامية أباحت الضرب غير المبرح من ناحية, ولكن لم ترغب فيه وجعلته في أضيق نطاق, لتقويم الحالات التي لا يصلح معها التقويم بالوعظ والإرشاد والهجر, ويكون الضرب هنا تعبيرا عن الغضب وليس المقصود به الإيذاء الجسدي للمرأة.
    2ـ هل يعد ختان الإناث انتهاكا جسديا وجنسيا للمرأة؟
    يقول بعض المشككين أن ختان الإناث يعد انتهاكا لحق المرأة في حماية جسدها, كما يعد انتهاكا جنسيا كونه يقلل من استمتاعها بعد الزواج.
    والرد على هذه الشبهة من وجوه:
    أولا:أقرب الأقوال بالنسبة للختان كما جاء في الشرح الممتع على زاد المستقنع: أنه واجب في حق الرجال، سُنَّةٌ في حق النساء, ووجه التفريق بينهما: أنه في حق الرجال فيه مصلحة تعود إلى شرط من شُروط الصلاة وهي الطهارة، لأنه إذا بقيت هذه الجلدة، فإن البول إذا خرج من ثُقب الحَشَفَة بقي وتجمَّع، وصار سبباً في الاحتراق والالتهاب، وكذلك كلما تحرك، أو عصر هذه الجلدة خرج البول وتنجس بذلك, وأما في حق المرأة فغاية فائدته: أنه يُقلِّل من غُلمتِها، أي: شهوتها، وهذا طلب كمال، وليس من باب إزالة الأذى.
    ثانيا:أن الختان مشروط ببقاء حظ المرأة في الاستمتاع, فقد روى الحاكم في مستدركه والطبراني في معجمه الكبير عن الضحاك بن قيس قال: كان بالمدينة امرأة يقال لها أم عطية تخفض - أي تختن - الجواري، فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا أم عطية:اخفضي ولا تُنهِكيِ، فإنه أنضر للوجه، وأحظى عند الزوج". (صحيح الجامع:236).
    وروى أبو داود والبيهقي في سننهما عن أم عطية الأنصارية:أن امرأة كانت تختن بالمدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"لا تُنهِكيِ، فإن ذلك أحظى للمرأة، وأحب إلى البعل".(صحيح الجامع:498) (1).
    ففي هذين الحديثين أمر النبي صلى الله عليه وسلم بالختان، ونهى عن الإنهاك، فالأمر بالختان جاء لأجل تخفيف الشهوة عند المرأة، لأنها إذا تُركت بدون ختان اشتدت شهوتها، فكانت عرضة للوقوع في الحرام.
    فالنهي عن الإنهاك جاء لأمرين:
    الأول:أن الإنهاك يُضعف الشهوة عند المرأة مما ينتج عنه كراهية المرأة لجماع زوجها، وهذا يؤدي إلى كراهية زوجها لها، وقلة استمتاعها بالجماع.
    الثاني:أن الإنهاك يُذهب بريق الوجه ولمعانه، وعدم الإنهاك يحفظ نضرة الوجه وبريقه، وقد صرح بهذين الأمرين، صاحب الشرح الصغير مع حاشية الصاوي، فقال: أي لا تجوري في قطع اللحمة الناتئة بين الشفرين فوق الفرج، فإنه يُضعف بريق الوجه، ولذة الجماع، وقال المناوي في فيض القدير: فأخذ بعضها، تعديل للشهوة والخِلقة.
    وخلاصة القول هنا أن الشريعة لما شرعت الختان وسنته لم تأت لانتهاك حق المرأة في حماية جسدها أو الانتقاص من حقوقها الجنسية, وإنما جاءت تهذيبا للمرأة وحفظا لها من الوقوع في الحرام.
    ــــــــــــــــــــــ


    -------------منقول-------------

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء مايو 15, 2024 7:20 am