هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

    لغز الأنوثة

    Admin
    Admin
    الإدارة


    عدد المساهمات : 103
    نقاط : 296
    تاريخ التسجيل : 04/01/2011

    لغز الأنوثة Empty لغز الأنوثة

    مُساهمة من طرف Admin السبت مايو 14, 2011 3:41 pm

    "الأنوثة" و"الذكورة" فطرة مغروسة في طباع الإنسان السوي تقتضي أن يوجد الإنسان حيث هو - بيولوجياً وأخلاقياً - ليتحقق التكامل - لا التساوي - في جدلية العلاقة بين المرأة والرجل في هذا الكون، ومن ثمّ "لعن الله ـ سبحانه ـ المتشبهين من الرجال بالنساء والمتشبهات من النساء بالرجال" كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم. (رواه البخاري).
    ولعنة الله لا يستوجبها إلا ما يستحقها من الأمور الجليلة، ذات التأثير السيئ والكبير.
    من هنا ندرك أن خلط الأوراق، وتبادل الوظائف، أو الوقوف على أحد جانبي الطريق (توحيد الجنس)، أو إيجاد جنس ثالث (المخنثين)، كل ذلك من شأنه أن يقلب الفطرة ويعكس السنن الاجتماعية والكونية الإلهية، ويجعلها رأساً على عقب.
    مسيرة المرأة في الغرب تؤكد هذا الانقلاب الفطري الذي ألقى بظلاله على بعض نساء المسلمين .
    فالمرأة في العصر "الفكتوري" ـ وهو العصر الذي سبق عصر التحرر ـ كان محكوماً عليها بمحدودية القدرات الفكرية، مقارنة بالرجل، وكانت تخضع لنظام صارم للتفرقة بين الجنسين يضعهما في عالمين منفصلين ..، لكن سرعان ما تهاوت تلك الأفكار ما بين عام 1900م والحرب العالمية الأولى، وبدأت تظهر الكتابات عن حقوق المرأة في التسعينيات من القرن التاسع عشر، مثل كتابات "شارلوت بركنز جلمان"، التي ترى أن الاستقلال الاقتصادي أهم الحاجات الأساسية للنساء، الأمر الذي ربما أدى إلى انخفاض نسبة المتزوجات من العاملات إلى 14% عام 1890م؛ لأن الاستقلال المادي لا يتم إلا عن طريق العمل.
    ثم ظهر ما يسمى "حركة الداعيات إلى حقوق المرأة " عام 1912م، وكما تقول "سارة م. إيفانز " في كتابها "الحرية ونضال المرأة الأمريكية": "كان الظهور المفاجئ لهذه الحركة بَلْورةً للثورة الثقافية التي تقوم بها الحركة النسائية الاشتراكية ودعاة حرية الجنس.
    ومع بزوغ فجر القرن العشرين بدأ ظهور النساء والرجال معاً في الأماكن العامة التي أقيمت للمتعة والاستهلاك، واجتذبت قاعات الرقص وحدائق التسلية والمسارح ودور السينما أعداداً متزايدة، وأصبحت الرقصات الجنسية، مظهراً سائداً في سنة 1910م، وتميزت المرأة بحرية الحركة والمبالغة في إظهار أجزاء من جسمها .
    وسرعان ما أصبحت الفتاة الساعية إلى المتعة والجنس، والمتحررة من التقاليد، رمزاً للعصر بشعرها القصير ووجهها المغطى بالمساحيق وتنورتها القصيرة، كما تقول إيفانز.
    هذه الجذور المشبوهة لحركة تحرير المرأة تؤكد أن ما نراه في عالمنا العربي من دعوة النساء إلى التحرر والانعتاق من كل سلطان ـ وأوله الدين ـ إنما هي مستوردة، فالاحتكاك بالغرب والانبهار به في تلك المرحلة أحدث إرباكات كثيرة في الفكر، كان من آثارها محاكاة "النموذج" الغربي الذي يمثل النموذج الحضاري المسيطر، فتم نقل كثير من الأفكار التي كانت ثمرة بيئتها ثقافيًا واجتماعياً ودينيًّا؛ لأنها جاءت ردة فعل ذاتي متوافق مع ذلك النزوع الحاد إلى الحريات (التحرر من أي سلطان) بوصفها قيمة ذاتية، بعد أن تم تحييد الدين وجعله مسألة شخصية. فلم تكن حركات التحرر النسوية العربية وليدة إشكالية ذاتية بقدر ما كانت نزوعاً نحو المحاكاة لنموذج مبهر وطاغٍ؛ فقاسم أمين ـ الأب الروحي لحركات التحرر ـ إنما كتب كتبه النسائية (المرأة، والمرأة الجديدة.. ) بعد انبهاره بالنموذج الغربي حين عودته إلى مصر.
    لقد كانت دعوة تحرير المرأة ومساواتها بالرجل في كل النواحي اعتداءً على أنوثة المرأة وذكورة الرجل معاً، فرعاية الفوارق بين الجنسين في الوظائف والنشاطات والنواحي السيكولوجية والبيولوجية - وليس في القيمة الإنسانية - واجبةٌ مواءمةً للفطرة السوية والسنن الإلهية، ولعل ذلك الخلط هو ما دفع إلى التفنن في ابتكار رغبات وشهوات كان من بينها الشذوذ الجنسي الذي أصبح مشروعاً بالقانون في كثير من الدول الغربية.
    لقد استطاعت حركات التحرر من خلال الإعلام والأدب تحريف كثير من المفاهيم التي تخص المرأة، فإذا أرادت المرأة أن تحظى بالشهرة والسمعة الطيبة، وتجذب إليها المشاهد في كل مكان، ما عليها إلا أن تملك بعض الجرأة، ومزيداً من التكشف والتعري، لذلك ترى "سيدة الشاشة" و"الراقصة المبدعة" و"نجمة السينما" وغير ذلك من الألقاب، هي التي تكون صاحباتها أكثر الفنانين تعرياً وانتهاكاً للفضيلة، وبقدر ما تُظهر من جسدها وتنتهك الأخلاق والآداب يكون لها الصدارة، ناهيك بمسابقات ملكات الجمال في سوق المتعة الذي رفع من شأن المرأة بأن جعل منها جسدًا مجرد جسد!!
    ودخلت الحلبة السينما والمسرح وسائر وسائل الإعلام، التي تصر على تنميط المرأة بالصورة التي نشاهدها الآن، منذ منتصف القرن الماضي . فهل يكون ذلك - فعلاً - لنصرة المرأة من واقعها المتردي، أم أن ذلك إرضاء لدوافع غريزية مكبوتة في جنس الرجال تم تحريرها ؟
    كان بالإمكان الدعوة إلى إصلاح حال المرأة المسلمة من خلال الدعوة إلى تطبيق نصوص الوحي، ضمن معالجة واقعية، وأبحاث اجتماعية، ودراسات نقدية في الفكر والثقافة لوضع المرأة في مجتمعاتنا، من داخل منظومتنا الثقافية والفكرية والدينية .
    ففي نصوص الوحي الكثير مما يؤكد على مكانة المرأة الأنثى ومساواتها للرجل في القيمة والعمل والجزاء؛ يقول سبحانه: {أَوَ مَن يُنشّأ في الحلية وهو في الخصام غير مبيـن} (الزخرف/ 18)، ويقول : { فاستجاب لهم ربهم أني لا أضيع عمل عامل منكم من ذكر أو أنثى بعضكم من بعض...} (آل عمران/195)، وأكد رسول الله صلى الله عليه وسلم خصوصية الأنوثة وخصوصية الذكورة، فأخبر بأن الله عز وجل لعن مَن تشبه بالجنس الآخر.
    وامتّن الله سبحانه وتعالى على عباده بخاصية الأنوثة التي يسكنون إليها، فقال سبحـانه: {ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقومٍ يتفكرون} (الروم/ 21).
    وتاج الأنوثة الحياء، الذي يزين المرأة ويُكسبها الاحترام؛ لذلك كان يضرب المثل بحياء العذراء حتى قيل: إنه صلى الله عليه وسلم: "كان أشد حياءً من العذراء في خدرها" (رواه البخاري ومسلم).
    وقال صلى الله عليه وسلم : "الحياء خير كله" ( رواه مسلم).
    ولما كانت الأنوثة كالسحر للنفوس، أمر الله سبحانه بأن تكون لها خصوصية، فجمالها ورونقها في خصوصيتها، قال سبحانه: {ولا يبدين زينتهنّ إلا لبعولتهن أو آبائهنّ أو آباء بعولتهنّ أو أبنائهنّ أو أبناء بعولتهن أو إخوانهنّ أو بني إخوانهنّ أو بني أخواتهن أو نسائهنّ أو ما ملكت أيمانهنّ أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء} (النور/ 31).
    وقال صلى الله عليه وسلم ـ مؤكداً خصوصية الأنوثة، وأنها لا تكون إلا لمن أحلها الله له برباط الزواج ـ قال: " كل عين زانية، والمرأة إذا استعطرت فمرت بالمجلس فهي كذا وكذا" (رواه أبو داود والترمذي).
    وإنما أمر سبحانه بحفظ الأنوثة وخصوصيتها للزوج فقط؛ لأنه ضمن لها أسباب الكفاية الذاتية، وقد جاء في الحديث أن مجرد النظر إليها يورث الرحمة من الله سبحانه: "إن الرجل إذا نظر إلى امرأته ونظرت إليه نظر الله تعالى إليهما نظرة رحمة، فإذا أخذ بكفها تساقطت ذنوبهما من خلال أصابعهما". بل وأكثر من ذلك، حيث جعل لإشباع الرغبة ثواباً، فقال صلى الله عليه وسلم: "وفي بُضع أحدكم صدقة " (رواه مسلم)، بل جعل المرأة الصالحة نصف الدين، فروي عنه صلى الله عليه وسلم: "من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه، فليتق الله في الشطر الثاني" (رواه الحاكم).
    لذلك كله أمر سبحانه بحفظ الأنوثة فقال: {وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهنّ ويحفظن فروجهنّ ولا يُبدين زينتهنّ إلا ما ظهر منها...}(النور 31). ونهى عما يكون ذريعة لمشاعية الأنوثة وإباحيتها، فقال:{ قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم ويحفظوا فروجهم ذلك أزكى لهم إنَّ الله خبيرٌ بما يصنعون} (النور 30).



    -----------منقول------------


      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد نوفمبر 24, 2024 5:19 am